واشنطن تعلن عن هدنة في السودان لـ72 ساعة
أعلنت وزارة الخارجية المصرية، اليوم الاثنين، مقتل مساعد الملحق الإداري في السفارة المصرية في الخرطوم.
ونعَت وزارة الخارجية محمد الغراوي الذي قُتل خلال توجّهه من منزله إلى مقرّ السفارة لمتابعة إجراءات الإجلاء الخاصة بالمواطنين المصريين فى السودان، بحسب ما ذكرت في منشور في “فيسبوك”.
وأكدت أنّ البعثة المصرية فى السودان “سوف تستمر في تحمل مسؤوليتها في متابعة مهام إجلاء المواطنين المصريين من السودان وتأمين عودتهم إلى أرض الوطن بسلام”.
وكانت وزارة الخارجية المصرية أعلنت أمس بدء إجراءات إجلاء عدد من المواطنيين المصريين من المناطق الآمنة في السودان، بالتنسيق مع السلطات السودانية.
بلينكن يعلن عن هدنة
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أنه بعد مفاوضات مكثفة على مدار الـ48 ساعة الماضي، وافقت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على تنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد بدءاً من منتصف الليلة، ويستمر لمدة 72 ساعة.
وأضاف بلينكن أنه “خلال هذه الفترة، تحثّ الولايات المتحدة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على الالتزام الفوري والكامل بوقف إطلاق النار”.
وأشار إلى أنه “لدعم إنهاء دائم للقتال، ستنسق الولايات المتحدة مع الشركاء الإقليميين والدوليين، وأصحاب المصلحة المدنيين السودانيين، للمساعدة في إنشاء لجنة للإشراف على التفاوض، وتطبيق وقف دائم للأعمال العدائية والترتيبات الإنسانية في السودان”.
وأكد الوزير الأميركي أنّ الولايات المتحدة “ستواصل العمل مع الأطراف السودانية وكذلك مع شركائها نحو الهدف المشترك المتمثل في العودة إلى حكومة مدنية في السودان”، لافتاً إلى أنّ بلاده “على تواصل مع الأميركيين في السودان”.
كذلك، أكد بلينكن أنه “تم تنفيذ عملية ناجحة لإجلاء جميع موظفي السفارة الأميركية وعائلاتهم من السودان”، مضيفاً: “نستمر في تواصلنا المباشر مع القيادات العسكرية السودانية ودفعهم باتجاه تمديد وتوسيع وقف إطلاق النار”.
من جهته، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، باتريك رايدر، أنّ المسؤولين العسكريين الأميركيين على اتصال مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
وأمس، أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، أنّ القوات الأميركية نفذت مهمة لإجلاء موظفي السفارة الأميركية من الخرطوم، داعياً لوضع حد للقتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وكان الجيش السوداني أعلن السبت بدء عملية إجلاء البعثات الأجنبية التي تطلب دولها ذلك وذكر أنّ القائد العام للقوات المسلحة، الفريق عبد الفتاح البرهان، تلقى اتصالات من رؤساء عدد من الدول بشأن تسهيل وضمان تأمين إجلاء رعاياها وبعثاتها الدبلوماسية من البلاد.
وخُرقت الهدنة الثالثة في السودان بعد أقلّ من ساعة على سريانها، وتوقفت الانفجارات العنيفة التي هزت الخرطوم في الأيام الأخيرة، ليل الجمعة السبت، لساعات، بعد إعلان الطرفين قبول هدنة لمناسبة عيد الفطر، لكن إطلاق النار والانفجارات استؤنف صباح السبت.
ويصعب كثيراً معرفة تفاصيل التطورات الميدانية في ظل خطر التنقّل، في حين يؤكد كل من الطرفين تقدمه، لكن لا يمكن معرفة من يسيطر على العاصمة التي هجر شوارعها المدنيون، وباتت من دون كهرباء في أجواء من الحرّ الشديد، بينما يغامر البعض بالخروج من أجل الحصول على مواد غذائية على نحو عاجل، أو من أجل الفرار من المدينة.
“فورين بوليسي”: كيف مهّدت السياسات الأميركية للحرب في السودان؟
تناولت مجلة “فورين بوليسي” أزمة السودان الأخيرة، والاشتباكات الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مشيرةً إلى أنّ السياسات الأميركية هي التي مهّدت الطريق للحرب في السودان، عبر إصرار واشنطن أنّ “هناك فرصة حقيقة لمتابعة العمل لانتقال البلد إلى قيادة مدنية”.
ورأت المجلة أنّ “الجهد المضلّل” هو الذي أدى إلى دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة السودانية وإلى بدء “صراع مأساوي”، ولكن يمكن التنبؤ به.
كذلك، أضافت المجلة أنّ القتال بدأ في السودان في 15 نيسان/أبريل، بعد سنوات من التوتر بين “سماسرة السلطة” في البلاد: الجنرال عبد الفتاح البرهان، الزعيم الفعلي للبلاد ورئيس القوات المسلحة السودانية من جهة، والجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف على نطاق واسع باسم “حميدتي”، الذي يقود قوات الدعم السريع شبه العسكرية، حيث بدأت معارك الشوارع الجارية في العاصمة الخرطوم، وانتشرت في جميع أنحاء البلاد.
ويواجه السودان انهياراً شبيهاً بانهيار اليمن، وفق “فورين بوليسي”، حيث شنّ الجيش السوداني حملة قصف مكثفة في الخرطوم، وقد يصبح قريباً اليد العليا في الخرطوم بفضل قوته الجوية المتفوقة، إذ وفق المجلة، فإن سلاح الجو عنصر حاسم في حروب السودان، بدءاً من عام 2003، عندما قاتلت قوات الجيش، الجنجويد (ميليشيات عربية تركب الخيول)، خلال الحرب في دارفور.
ووفق المجلة، فإنّ القوة الجوية السودانية، هي السبب في أنّ عمليات قوات الدعم السريع في الساعات الأولى من الصراع ركزت على السيطرة على المطارات في جميع أنحاء البلاد، حتى يتم إيقاف العمليات الجوية للقوات المسلحة السودانية.
وتابعت: “لقد نجحت جزئياً فقط”. ومع ذلك، قد يستغرق الأمر أسابيع لطرد قوات الدعم السريع من المباني السكنية في الخرطوم التي حوّلوها إلى منشآت عسكرية.
في الوقت نفسه، سيكون من الصعب هزيمة قوات الدعم السريع في وطنهم القبلي دارفور، ولا سيما أن قدرتهم على تعبئة الجنود من تشاد المجاورة عالية جداً. ويبدو أنّ انزلاق السودان إلى حرب أهلية واسعة النطاق بات أكثر احتمالاً كل ساعة.
واعتبرت المجلة أن الأمور قد تخرج من حرب أهلية إلى صراع يمتص المنطقة بأكملها وبعض القوى العالمية، حيث اعتقلت قوات الدعم السريع الجنود المصريين الذين كانوا يتدربون مع القوات المسلحة السودانية في الساعات الأولى من الصراع، قبل أن يعودوا إلى بلدهم.
ويخشى دبلوماسيون من أنّ القاهرة قد تستعد لدعم القوات المسلحة السودانية. وهناك تقارير عن تعبئة قبلية على طول حدود تشاد والسودان، الموطن التقليدي لحميدتي.
واعتبرت المجلة الأميركية، أن الولايات المتحدة مع حلفائها في الغرب قد تكون القوى الوحيدة التي لديها قدرة محدودة على تشكيل الأحداث في السودان.
وفي محاولة لمنع التوقعات القاتمة لتفكك الدولة في السودان، تعمل الحكومة الأميركية مع الدول العربية – وتحديداً مصر والسعودية والإمارات – لكن، هؤلاء، حلفاء واشنطن، هم على طرفي نقيض في السودان، وفق المجلة.
ومع ذلك، ووفق دبلوماسيين غربيين، صرّحوا للمجلة، فهم يفهمون أنّ العودة إلى الوضع الراهن قبل 15 نيسان/أبريل أصبحت “غير مرجحة” بشكل متزايد مع استمرار القتال.
ورأت المجلة أنه إذا كانت هناك لحظة فقد فيها الأمل في الديمقراطية في السودان، فقد كان ذلك عندما تمّ الاتفاق على هذا الدستور الانتقالي، وسُمح للجيش بإدارة البلاد في الجزء الأول من الانتقال.
واعتبرت المجلة الأميركية أن “أعظم مثال على الأوهام الأميركية” هو إصرار واشنطن على وصف انتقال السودان بأنه “بقيادة مدنية”، مشيرةً إلى أنه لم يكن هناك ما يشير إلى انتقال السودان بقيادة مدنية، إذ نصّ الدستور الانتقالي عام 2019 على أنّ الجيش سيقود الأشهر الـ 21 الأولى من المرحلة الانتقالية، يليه المدنيون للأشهر 18 المقبلة.
وحتى الآن يبدو أنّ الولايات المتحدة ليست جاهزة بعد لإدارة التحول في البلاد، عبر الأوهام التي روجت لها، وفق “فورين بوليسي”، فمنذ بداية الأحداث في 15 نيسان/أبريل، كرر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الوهم الأميركي القائل بأن “هناك فرصة حقيقة لمتابعة العمل بانتقال بقيادة مدنية”.