انتقادات في كندا لقرار المحكمة الأميركية العليا الغاء الحق الدستوري في الإجهاض

أصدرت المحكمة الأمريكية العليا الجمعة قرارا بإلغاء الحق الدستوري في الإجهاض. ويقضي هذا القرار على نصف قرن من الحماية الدستورية في واحدة من أكثر القضايا إثارة للانقسام في المشهد السياسي الأمريكي. وخرجت مظاهرات حاشدة الشهر الماضي لمؤيدي الإجهاض في مختلف أرجاء الولايات المتحدة في مستهل ما أطلق عليه المنظمون “صيف الغضب”.
في حكم سيكون له وقع مزلزل، وضعت المحكمة الأمريكية العليا الجمعة حدا لحق الإجهاض بإصدارها قرارا ليقضي على نصف قرن من الحماية الدستورية في واحدة من أكثر القضايا إثارة للانقسام في المشهد السياسي الأمريكي.
ألغت المحكمة القرار التاريخي المعروف باسم “رو ضد واد” والذي صدر عام 1973 ليكرس حق المرأة في الإجهاض وقالت إن بإمكان كل ولاية أن تسمح بالإجراء أو أن تقيده كما ترى، كما كان سائدا قبل السبعينات.
وقد اثار القرار انتقادات انتقادات واسعة ومواقف متباينة في كندا حيث وصف رئيس الحكومة الفدرالية جوستان ترودو القرار الصادر اليوم عن أعلى سلطة قضائية أميركية بأنه ’’مروّع‘‘.
ما من حكومة أو سياسي أو رجل ينبغي له أن يملي على امرأة ما تستطيع أو لا تستطيع فعله بجسدها. أريد أن تعرف الكنديات أننا سندافع دائماً عن حقهنّ في الاختيار
من جانبها قالت الزعيمة المؤقتة لحزب المحافظين الكندي، كانديس بيرغن، إنّ الليراليين بقيادة ترودو ’’يستوردون قضايا من الولايات المتحدة بهدف تقسيم الكنديين‘‘.
لقد أوضحتُ أنّ موقفنا لا يزال على ما هو عليه منذ حكومة هاربر. لم يتم تقييد الوصول إلى الإجهاض في عهد رئيس الحكومة ستيفن هاربر، ولن يقدّم حزب المحافظين مشروع قانون حول الإجهاض ولن يعيد فتح النقاش بشأنه
ويشكل حزب المحافظين المعارضة الرسمية في مجلس العموم منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 بعد أن أمضى زهاء عشر سنوات في السلطة بقيادة ستيفن هاربر.
من جهته انتقد زعيم الحزب الديمقراطي الجديد، جاغميت سينغ، قرار المحكمة العليا في الولايات المتحدة واصفاً إياه بأنه ’’قرار مدمّر سيزهق أرواح العديد من النساء‘‘.
وطالب زعيم هذا الحزب اليساري التوجه حكومة ترودو ببذل المزيد لضمان توفّر عمليات الإجهاض للنساء في جميع أنحاء كندا.
يُذكر أنّ الحزب الليبرالي والحزب الديمقراطي الجديد توصلا في آذار (مارس) لاتفاق يسمح لحكومة ترودو، وهي حكومة أقلية، بالبقاء في السلطة حتى عام 2025، أي حتى نهاية ولايتها.
وفي مقاطعة كيبيك استنكر رئيس الحكومة فرانسوا لوغو ’’انتكاسة محزنة لحقوق المرأة وحرياتها‘‘ في تغريدة له على موقع ’’تويتر‘‘.
وكانت وزيرته لشؤون المرأة، إيزابيل شاريه، قد أعلنت قبل ذلك بقليل أنها ’’من صميم القلب مع النساء الأميركيات اللواتي يريْن أنّ حقهن في الإجهاض مهدد‘‘.
من جانبها ، ندّدت دومينيك أنغلاد، زعيمة الحزب الليبرالي الكيبيكي الذي يشكل المعارضة الرسمية في الجمعية الوطنية الكيبيكية، بـ’’انتكاسة لا اسم لها‘‘، متحدثةً عن ’’يوم مظلم للنساء ولحقوقهنّ وحرياتهنّ‘‘.
وفي حكم صدر بتأييد ستة مقابل رفض ثلاثة أعضاء، أيدت المحكمة بأغلبيتها المحافظة قانونا صدر في ولاية مسيسيبي ودعمه الجمهوريون وتم بموجبه حظر الإجهاض بعد 15 أسبوعا من الحمل.
وجاء في حيثيات الحكم الصادر الجمعة أن “الحكم الصادر عام 1973 في قضية (رو ضد وايد) وسمح بالإجهاض قبل أن يتمكن الجنين من الحياة خارج الرحم، بين 24 و28 أسبوعا من الحمل، كان خاطئا لأن الدستور الأمريكي لا يأتي بالتحديد على ذكر حقوق الإجهاض”.
و كانت مسودة للحكم كتبها القاضي صامويل أليتو وأشارت إلى أن المحكمة ستبطل على الأرجح حكم قضية رو ضد وايد قد تسربت في مايو/أيار مما أثار عاصفة سياسية. وجاء نص الحكم اليوم، الذي كتبه أليتو، مطابقا لحد كبير للتسريب.
وكتب أليتو في الحكم “لا يشير الدستور للإجهاض وليس هناك حماية ضمنية لمثل هذا الحق في أي من بنود الدستور”. واعترف الحكم الصادر في قضية رو ضد وايد بأن حق الخصوصية الشخصية في الدستور الأمريكي يحمي قدرة المرأة على إنهاء حملها.
وندد الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، بعد التسريب، باحتمال إبطال حكم (رو ضد وايد) ووصفه بأنه “خطوة متطرفة” وحث الكونغرس على إصدار تشريع يحمي حق الإجهاض على مستوى البلاد.
وكان الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب قد وعد في حملته الانتخابية في 2016 بتعيين قضاة في المحكمة العليا سيبطلون حكم (رو ضد وايد) وتمكن بالفعل من تعيين ثلاثة قضاة محافظين خلال ولايته التي استمرت أربع سنوات مما رجح كفة اليمينيين في المحكمة وأسس لأغلبية محافظة من ستة قضاة مقابل ثلاثة ليبراليين.
اعتراض داخل المحكمة
وفي عام 1992 أصدرت المحكمة العليا حكما أعاد التأكيد على حقوق الإجهاض ومنع صدور قوانين تفرض “أعباء غير ضرورية” للحصول عليه. و
من خلال إلغاء الحق الدستوري في الإجهاض، يعيد الحكم للولايات الأمريكية قدرتها على تمرير قوانين تحظره. ويعتقد أن نحو 26 ولاية ستحظر الإجهاض قطعا أو ترجيحا.
وأصدر القضاة الثلاثة الليبراليين في المحكمة اعتراضا مشتركا وقالوا “أيا كان المدى الفعلي للقوانين المقبلة فهناك نتيجة واحدة مؤكدة لقرار اليوم وهي الحد من حقوق النساء وبوضعهن كمواطنات لديهن الحرية والمساواة”.
وأضافوا أن حكم اليوم سينتج عنه “من أول لحظة في التخصيب ليس لدى المرأة حقوق تذكر. ويمكن لولاية أن تجبرها على إتمام الحمل حتى في ظل أصعب الآثار على المستوى الشخصي والأسري”.