الحرب والانتظار في الأدب السوفييتي: وحدة الأدب العالمي – جريدة مشوار ميديا
أدب

الحرب والانتظار في الأدب السوفييتي: وحدة الأدب العالمي

عادل الأسطة

هل صحيح أن أسطر»ستنتهي الحرب ويتصافح القادة وتبقى تلك العجوز تنتظر ابنها» ساذجة وسطحية؟ وهل البحث عن قائلها مضيعة للوقت وغير مجد؟
أثار الكاتب فراس حاج عمر محمد، وقبله مقالي في جريدة الأيام الفلسطينية (٢١ آب ٢٠٢٢) والفقرة التي نشرتها على الفيس بوك حولها، جدلا حول مدى عمقها، فقد رأى بعض المعلقين أنها لا يمكن أن تكون لمحمود درويش وأن صاحبها ليس أكثر من طالب توجيهي يتدرب على كتابة موضوع إنشاء، وهذا ما لم أره، إذ أعادتني إلى أعمال أدبية يمتاز كاتبوها بالعمق تمحورت بعض نصوصهم التي غدت عالمية حول موضوعات الأسطر وهي الحرب والانتظار والتضحية بالنفس وجني المكاسب، وهذا ما توقفت أمامه في مقالاتي في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، وقد أنفقت الشهر الماضي أبحث في الكتب وفي غوغل علني أصل إلى نتيجة.
هكذا عدت من جديد باحثا وباحثا لا يكل ولا يمل حتى ضجر بعض القراء مما أكتب متسائلين عن جدوى ما أقوم به، ناسين أو متناسين أنه البحث عن الحقيقة ونبش الذاكرة والعودة إلى المصادر والمراجع وعدم إطلاق القول على عواهنه.
أعادني بحثي إلى مقولة الأديب الألماني (غوتة) «وحدة الأدب العالمي» وإلى أحد معاني كلمة بنية «التجريد والتعميم والنموذج: من البنية الثابتة في أعمال مؤلف واحد إلى البنية الثابتة لأعمال مؤلفين مختلفين في عصر واحد وكذلك من البنية الثابتة لأعمال أدبية مختلفة في لغة واحدة إلى لغة ممتدة في الثقافة»، وهذا ما يلحظ في نصوص الحرب في الآداب العالمية المختلفة. إننا سنلحظ مثلا فيها كلها الموتيفات الآتية:
– فكرة الانتظار.
– فكرة الوطن والتضحية في سبيله.
– فكرة الجندي المضحي بنفسه والقائد الذي يجني المكاسب.
ولقد بحثت عنها في كتب «موتيفات الأدب العالمي وأفكاره» وتحت عنوان الحرب «Krieg / War» يقرأ المرء عن الاعتداء وصراع الإخوة، ولقد بحثت أيضا في كتب المقاومة والحرب وما أكثرها وتوقفت أمام كتاب شاكر نوري «المقاومة في الأدب السوفييتي» وكتاب حنا مينة ونجاح العطار «أدب الحرب» وكتاب غالي شكري «الماركسية والأدب» وكتاب رفيف رضا صيداوي «النظرة الروائية إلى الحرب اللبنانية ١٩٧٥ – ١٩٩٥» لأقرأ فيها ولأجد أنها لا تخلو من المعاني التي كثفتها الأسطر.
يمكن في هذه المقالة الاقتباس من كتاب شاكر نوري وغالي شكري مثالا.
في كتاب الأول نقرأ قصيدة لـ (قسطنطين سيمنوف) يقول فيها:
«ماذا يمكن أن نقول لهم؟ كم بائسة هي دموعهم
لكن المرأة العجوز أدركت لم نكن بهذه القساوة
إنها قرأت حزننا وأجابت:
«اذهبوا الآن يا أعزائي، وسننتظر عودتكم»
آه! سننتظر… وحقول القمح تتموج .. وتتمايل
الغابات تصرخ:» ننتظر عودتكم!»
ويتحدث إلى حبيبته قائلا:
«انتظريني وسوف أعود إلى البيت
لكن يجب أن تنتظري طويلا»
وقد وردت القصيدة نفسها في كتاب العطار وحنا مينة. وقد أورد الدكتور يحيى الشعار في تعليقاته على الموضوع قصيدة «الأم» لـ (أندريه ديمنتيف) وتصف أما انتظرت ابنها المشارك في الحرب ثلاثين عاما.
وماذا عن تصافح القادة؟
هل تصافحوا في نهاية الحرب العالمية الثانية؟
لا أريد أن أخوض في هذا لإشكاليته، ولكن حتى القادة الذين توخت شعوبهم منهم الخير وأملت أن يقودها إلى الحرية سرعان ما تحولوا إلى عبادة ذواتهم تحتل صورتهم الأمكنة كلها في حين أهملوها – أي الشعوب – وتسلطوا عليها.
في كتابه «الماركسية والأدب» يتوقف شكري أمام المقطع الآتي من قصيدة (يفتشنكو) «سوق سمبرسك»:
«أما الفلاحة فقد استلقت في الوحل!
كانت الاستعدادات تجري على قدم وساق
لنصب تمثال جديد لشخص ما
أما الفلاحة السكرى فقد استلقت في الوحل».
بل ذهب بعض القراء إلى ربط أغنية كارول سماحة بأغنية (Marlene Dietrich) (قل لي: أين توجد الأزهار؟)
ومارلين ديتريتش ممثلة ومغنية ألمانية وقفت ضد هتلر وشجعت الحرب عليه وتبرعت ببعض أموالها في سبيل ذلك، وتأتي كلمات أغنيتها على الفتيات اللاتي حملن باقات الأزهار لإهدائها للرجال الذين ذهبوا إلى الحرب وصاروا جنودا ولم يعودوا فقد استقروا في القبور التي صارت تئن لصوت الرياح، بل إن بعض القراء ذكرني بأغنية»
Are you going to Scarborough «
لـ (غارفيلد) وهي عن جندي مات في الحرب – وكان الجنرال طلب منه أن يطلق النار – ويطلب من زملائه أن يذهبوا ويخبروا حبيبته التي صنعت له وشاحا ويسلموا على الزعتر والبقدونس وووو ….
هل أخطأ (غوتة) وهل أخطأ البنيويون فيما ذهبوا إليه؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

We use cookies to give you the best online experience. By agreeing you accept the use of cookies in accordance with our cookie policy.

Privacy Settings saved!
Privacy Settings

When you visit any web site, it may store or retrieve information on your browser, mostly in the form of cookies. Control your personal Cookie Services here.

These cookies are necessary for the website to function and cannot be switched off in our systems.

In order to use this website we use the following technically required cookies
  • wordpress_test_cookie
  • wordpress_logged_in_
  • wordpress_sec

We track anonymized user information to improve our website and build better user experience.

Decline all Services
Accept all Services