سوريا تكشف بالأرقام حجم خسائرها جراء سرقة الولايات المتحدة لنفطها

تشهد سورية اسوء مراحل الازمة الاقتصادية والمعيشية بسبب الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة وفق قانون “قيصر” والذي يحرم ملايين السوريين من مقومات الحياة الأساسية. وشهدت الأسابيع الماضية نقصا حادا في الوقود والغاز المنزلي، ما أدى الى شل حركة النقل والموصلات في عدة مدن سورية، وإضافة الحكومة يوم عطلة لايام العطل الاسبوعية، وارتفعت ساعات انقطاع التيار الكهربائي ووصلت الى 23 ساعة في اليوم، ما اثر في قطاعات عدة وادى الى توقف عدد من المصانع وحركة نقل البضائع.
وكان وزير النفط والثروة المعدنية في الحكومة السورية “بسام طعمة” قد ارجع ما آلت اليه الأوضاع ان أزمة شح المحروقات المتفاقمة مؤخرا إلى الفساد الذي يطور أساليبه في القطاع النفطي، وإلى العقوبات الغربية المفروضة على البلاد التي أصبحت مشددة مؤخرا، وإلى “العدوان التركي” الأخير على سوريا الذي خلف أضرارا كبيرة في المنشآت النفطية شمال شرقي البلاد.
وبدأت أولى بوادر انفراج في الازمة مع وصول ناقلتا نفط خام إيرانيتين بحمولة مليون، و700 ألف برميل، وثلاث نواقل غاز بحمولة تقدّر بنحو 6500 طن غاز، وفق “الخط الائتماني” الإيراني.
كشفت الخارجية السورية عن قيمة الخسائر المباشرة لاعتداءات القوات الأمريكية على أراضيها، وقالت إنها تبلغ 25.9 مليار دولار، منها 19.8مليار دولار حجم خسائر النفط والغاز المسروق.
وجاء في بيان وزارة الخارجية السورية يوم الأربعاء: “آخر الإحصاءات تبرز أن قيمة الخسائر المباشرة لاعتداءات القوات الأمريكية والميليشيات والكيانات الإرهابية التابعة لها على الأراضي السورية قد بلغت 25.9 مليار دولار، ناجمة عن سرقة النفط والغاز والثروات المعدنية بقيمة تقدر بـ19.8 مليار دولار، وتخريب وسرقة المنشآت بـ 3.2 مليار دولار، إضافة إلى الأضرار الناجمة عن قصف طيران ما يسمى بالتحالف الدولي اللاشرعي للمنشآت النفطية والغازية بقيمة تقدر بـ 2.9 مليار دولار”.
ولفتت الخارجية إلى أن الخسائر غير المباشرة تتجاوز الـ86 مليار دولار، وهي تمثل قيمة فوات الإنتاج (النفط الخام، الغاز الطبيعي، الغاز المنزلي، مشتقات نفطية، ثروات معدنية) نتيجة انخفاض الإنتاج عن المعدلات المخططة في ظروف العمل الطبيعية، وبالتالي فإن إجمالي قيمة خسائر القطاع النفطي السوري قد بلغ 111.9 مليار دولار.
ونددت الخارجية بالنهب المستمر لثروات وخيرات سوريا من قبل القوات الأمريكية: “قوات الاحتلال الأمريكي والميليشيات المرتبطة به تواصل نهبها المنظّم للنفط والقمح وغيرهما من الموارد الأساسية والثروات الوطنية للشعب السوري”.
وطالبت الخارجية المجتمع الدولي مجددا بالتحرك العاجل واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف النهب، ووقف انتهاكات القانون الدولي وأحكام الميثاق التي ترتكبها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، وضمان التعويض عنها، وإنهاء الوجود اللاشرعي للقوات الأمريكية، وإعادة حقول النفط والغاز التي تحتلها تلك القوات للدولة السورية، والرفع الفوري وغير المشروط للإجراءات القسرية اللاشرعية، بما يتيح الارتقاء بالوضع الإنساني وتوفير الظروف المناسبة للعودة الطوعية الآمنة والكريمة للمهجرين واللاجئين إلى وطنهم.
و في مقال بعنوان سوريا بقيت بلا وقود كتبت ماريانا بيلينكايا، في “كوميرسانت”، حول أزمة غير مسبوقة يعانيها الشعب السوري: تواجه سوريا أزمة اقتصادية غير مسبوقة. هناك نقص حاد في الوقود في البلاد، ما أدى إلى مشاكل في جميع القطاعات تقريبًا. الأسبوع الماضي وحده، تضاعفت أسعار البنزين تقريبًا، ووصلت الليرة السورية مقابل الدولار إلى مستوى قياسي جديد في الانخفاض. وبحسب الأمم المتحدة 90٪ من سكان البلاد يحتاجون إلى مساعدات إنسانية. السلطات الرسمية تعلل ما يحدث بالعقوبات الغربية.
وقد تطرقت وكالة “أسوشيتد برس”، مثل العديد من وسائل الإعلام الأخرى، إلى وضع الوقود في سوريا في مقالاتها.
بالعودة إلى أوائل ديسمبر، أعلنت السلطات السورية أن البلاد لم تتلق وقودا منذ أكثر من 50 يومًا.
قبل اندلاع الصراع في سوريا، في العام 2011، كانت البلاد تنتج نحو 380 ألف برميل من النفط يومياً، وكان 250 ألف برميل منها يستهلك محليا، والباقي يُصدّر. الآن، انخفض الإنتاج، حيث تقع أكبر حقول النفط السورية في شرق البلاد وتسيطر عليها القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة. فبحسب معطيات وزارة النفط السورية، تنتج المناطق الخاضعة لسيطرة دمشق حالياً نحو 80 ألف برميل يومياً. في الوقت نفسه، تخضع شحنات المنتجات النفطية والوقود النهائي إلى سوريا لعقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وفي الواقع، كانت إيران وبعض الشركات الروسية الخاصة فقط تشارك في الأمر (محاولة إمداد سوريا بالوقود)، وكانت تخضع أيضًا للعقوبات الغربية بشكل دوري.
تسببت أزمة الوقود والاقتصاد عمليا في احتجاجات في محافظة السويداء جنوبي البلاد، حيث جزء كبير من السكان من الطائفة الدرزية. وقتل متظاهر وشرطي في المواجهات. وقد تمت تسوية الوضع بعد تدخل مشايخ الدروز، إنما بقيت المخاوف من اندلاع احتجاجات مماثلة في أجزاء أخرى من البلاد.