تصاعد المقاومة في الضفة الغربية في مواجهة تصاعد قمع الاحتلال
لا خيار امام الفلسطينيين الا المقاومة للتحرير والتخلص من الاحتلال

د. نزيه خطاطبة
مع اقتراب موعد الانتخابات في كيان الاحتلال الاسرائيلي وزيادة حدة الخلافات والانقسام الداخلي يتنافس قادة الاحتلال على زيادة القمع والاضطهاد للفلسطينيين والتسابق على سرقة ارضهم بتوسيع المستوطنات ومصادرة الاراضي وقتل المزيد منهم وهدم بيوتهم لاظهار تطرفهم للراي العام وسباقهم على اصوات الناخبين في مجتمع اصبح يتسم بالعنصرية والابارتهيد المطلق . لا يمر يوم دون ان تراق دماء الفلسطينيين واجتياحات للمدن والقرى وخاصة في منطقة جنين ونابلس التي توصف حاليا بقلعة للثورة المتجددة . وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها الاحتلال في مواجهة المقاومة في الضفة المحتلة ومحاولة حصرها في مناطق محدَّدة،, فإنّ العملية الأخيرة بالقرب من حاجز “الجلمة” شمال مدينة جنين والتي تمكن مقاومان من نصب كمين للاحتلال وقتل ضابط كبير خلالها , وما سبقها من عملية اخرى في منطقة الأغوار شرقي الضفة المحتلة وغيرهما العديد تبتت أن جهود الاحتلال فشلت،, وأن خطر تنامي مقاومة الضفة الغربية وصل إلى مرحلة يصعب السيطرة عليها،.
فعلى الرغم من الجهد والقوة الأمنيَّين المبذولين فيها على مدار الساعة واعتقال وتصفية العشرات من المقاومين الا ان الواقع يشير إلى تصاعد المقاومة ، فأعداد مَن باتوا يؤمنون بالمقاومة أكبر كثيراً من السابق. وفي كل يوم، تندفع أعداد جديدة من الشبّان إلى طريق مقاومة العدو ومستوطنيه، والسلاح لم يعد المعضلة الكبرى أمام مَن يريد المقاومة.
وعلى عكس التوقعات الأمنية للاحتلال، التي تُفيد بالسيطرة على الوضع في الضفة المحتلة مع تشديد القبضة الأمنية، وما يُطلق عليه «عمليات جزّ العشب»، تنطلق فئات جديدة من الفلسطينيين نحو مواجهة الاحتلال ورفض سياسات التدجين.
هذا الأمر لم يعد يقتصر على مناطق شمالي الضفة، بل بات ينتقل يوماً بعد يوم إلى كل مناطق الضفة، والعمليات في الأغوار ورام الله ونابلس وجنين دليل على ذلك. حيث عبّرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، بعد عملية الأغوار، عن وجود خشية كبيرة لدى المؤسسة الأمنية من انتقال عمليات إطلاق النار «غير المخطَّط لها» إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية المحتلة واندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة.
العوامل التي تؤدي إلى تفجُّر الضفة في وجه الاحتلال ما زالت حاضرة بصورة كبيرة، وتزداد يوماً بعد يوم. فإلى جانب البعدين الوطني والديني، اللذَين نَمَوا بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة، تبرز الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة، وخصوصاً استمرار سياسة الاستيطان وتوسعها على نحو دائم وقضمها أراضي الفلسطينيين،واستمرار شلال الدم الفلسطيني في الضفة عبر عمليات الاغتيال الممنهج للشبّان وانعدام اي افق للسلام في ظل تعنت ورفض حكومات الاحتلال الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وحتى التفاوض مع السلطة الفلسطينية التي تريدها كجهاز امني لحمايتها ومستوطنيها , حيث يقر خبراء إسرائيليون، أن جوهر المشكلة الفلسطينية سياسي، وليس أمني، وناجم عن غياب الأفق السياسي، جراء إغفال السياسيين والأحزاب في إسرائيل للقضية الفلسطينية وعدم وجود أي رؤية سياسية للتعامل معها.
ومن هنا يحاول قادة الاحتلال تحميل السلطة مسؤولية تصاعد المقاومة من خلال التقاعس عن اعتقال المقاومين ما يدفع بقادة الاحتلال الى ارسال قوات كبيرة لاقتحام المدن والمخيمات والتي تواجه بمقاومة شرسة . فحسب راي قائد جيش الاحتلال الإسرائيلي كوخافي، فأن جزءا من الزيادة في الهجمات “ينبع من ضعف أجهزة الأمن الفلسطينية، ما أدى إلى غياب الحكم في مناطق معينة من يهودا والسامرة (الضفة الغربية)”.
واشار تقرير لصحيفة «يديعوت أحرونوت» بشأن عمليات اقتحام مقام يوسف في نابلس إلى أنّ «تأمين اقتحام المستوطنين لقبر يوسف في نابلس كان يتم، في السابق، عبر إرسال كتيبتين، تُعَدّان كافيتين على الأقل لتأمين الاقتحام. اليوم، أصبحت كل عملية اقتحام تحتاج إلى أربع كتائب للتأمين، وتُرافق ذلك عملياتُ إطلاق نار واشتباكات من مسافات قريبة». ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، عن مسؤول عسكري ، قوله إن الوضع الفلسطيني على الأرض متفجر، وأن “إسرائيل أمام ظاهرة مقلقة”، وتواجه “مجموعات مسلّحة لا تعمل من خلال قيادات وتنظيمات”.
الثمن الذي تدفعه «دولة» الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة كبير جداً بالنسبة إليها؛ فانتشار الجيش وعملُ المنظومة الأمنية حَدَثا بصورة كبيرة جداً خلال الفترتين الماضية والحالية، وهي تخشى انتقال العمل المقاوم والعمليات الفدائية من مناطق الضفة المحتلة إلى مدن الداخل الفلسطيني المحتل، كما حدث في شهر رمضان الماضي
مَن يقرأْ المشهد جيداً خلال العامين الأخيرين يدركْ أنّ حالة الغليان التي وصلت إليها الضفة الغربية المحتلة لا يمكن السيطرة عليها. وليس تطوّر العمليات، من جنين، إلى نابلس، إلى طولكرم، ومنطقة الأغوار، إلّا دليلاً على تطوّر هذه المقاومة وتخطيها عمليات «جزّ العشب»، وهو ما ينبئ باستمرار جذوتها وتنامي قوتها لتكوين جبهة فلسطينية في غاية الخطورة على الاحتلال.
ومن المتوقع ان تشهد المنطقة خلال الايام القادمة موجة تصعيد خاصة ان قوات الاحتلال تستعد لاستخدام طائرات مسيرة هجومية في عملياتها واقتحاماتها بالضفة الغربية, كما ان «منظمات الهيكل» الاستيطانية المتطرفة تستعد لاقتحامات واسعة والنفخ في البوق داخل المسجد الأقصى وباحاته، بالتزامن مع «رأس السنة العبرية» الذي يصادف يومَي الإثنين والثلاثاء 26 و27 أيلول الحالي وفي اكتوبر القادم ، وبإدخال قرابين العرش».
قيادة الاحتلال الاسرائيلي وكما في كل محطات الصراع الرئيسية لا ترغب في قراءة حقيقة واقع الشعب الفلسطيني، وعناده الأسطوري لانتزاع حريته، وحقه في تقرير مصيره، حتى في ظل ما يجري من انقسام فلسطيني وانعدام الوحدة الوطنية. إن ما يجري في الواقع هو بمثابة بروڤات متواصلة لانفجار كبير قادم ربما يعززه قرار حركة كماس الاخير باعادة العلاقة مع سوريا وتموضعها اكثر في محور المقاومة ما يفتح المجال لتعزيز قدراتها وفصائل المقاومة الاخرى التسليحية ويعزز المقاومين في الضفة الغربية .