نادر الصفدي:
تعيش وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أصعب وأحنك مراحلها التي باتت تستهدف وجودها وبقاءها على قيد الحياة، بعد أن نفضت الكثير من الدول العربية والأوروبية يدها عن تقديم الدعم، وسمحت لإسرائيل بتضخيم مشاكل الوكالة وإظهارها على أنها “خطيئة يجب أن تموت”.
“الأونروا” والتي تعد الشاهد الحي الوحيد على المجازر الإسرائيلية التي أارتكبت بحق ملايين الفلسطينيين منذ عشرات السنوات، لا تزال تعاني وتضرب أزماتها المالية المتفاقمة كل جدران مقراتها داخل فلسطين وخارجها، خاصة بعد فشل المؤتمر الدولي الذي عقد في العاصمة البلجيكية بروكسل قبل أيام، في تقديم طوق النجاة للوكالة الدولية، والاكتفاء فقط بتقديم الدعم المالي الذي لا يُسمن ولا يُغني من جوع وترقيع لبعض الأزمات، دون إيجاد أي حلول واضحة وعملية.
تحذيرات فلسطينية أُطلقت من كل جانب، وتخوفات جادة تكبر يومًا بعد يوم من توقف الوكالة رسميًا عن عملها، وتعطيل كل الخدمات الإنسانية والعينية التي تقدمهم لملايين اللاجئين الفلسطينيين حول العالم بحجة “الأزمة المالية الطاحنة التي تعاني منها”، في ظل تحركات إسرائيلية من أسفل الطاولة لتحقيق هدفها المنشود بإعلان وفاة وكالة الغوث.
ومن المتوقع أن تشهد “الأونروا” أزمةٌ مالية خانقة خلال الفترة المقبلة، في ضوء إخفاقها في الحصول على التمويل الكافي في مؤتمر بروكسل، وتحصيلها تبرّعات بقيمة 38 مليون دولار فقط، من أصل 100 مليون كانت مستهدَفة، فيما لم تُقدَّم تعهّدات باستدامة الدعم المالي لها، ما يعني استمرار أزمتها لسنوات أخرى.
وحذرت وكالة “الأونروا” من تهديد وجودي لعملها، وقالت إنها لم تنجح في سد فجوة في ميزانيتها لهذا العام وتأمين تمويل كامل طويل الأجل رغم تعهدات جديدة من المانحين.
وحثّت في مؤتمر المجتمع الدولي على الالتزام بتمويل أكثر استقرارا وشددت على أنها تحتاج مستقبلا 800 مليون دولار سنويا على الأقل.
وأكد المتحدث باسم الوكالة سامي المشعشع، أن التعهدات الجديدة لم تغط العجز الواقع من الآن وحتى نهاية عام 2021، والبالغة قيمته 100 مليون دولار، موضحًا أن الوكالة تحتاج بين 40 و50 مليون دولار كل شهر لدفع فاتورة الرواتب والمتعهدين والموردين وشراء الأدوية وأيضا الخدمات الأساسية.
وأضاف أن الوكالة تواجه صعوبة بالغة في الإيفاء بالتزامات اللاجئين الفلسطينيين بالحد الأدنى في مناطق عملياتها الخمس وخصوصا الأشد فقرا بينهم، وستضطر لترحيل جزء من العجز إلى العام المقبل، وتحاول جاهدة لتأمين رواتب 28 ألف موظف عاملين لديها للشهرين المقبلين في ظل العجز المالي غير المسبوق والمقدر بحوالي 100 مليون دولار.
واعتبرت السلطة الفلسطينية أن مؤتمر مانحي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” أخفق ماليا، لكنه كان وفق التوقعات من الناحية السياسية، جاء ذلك في تصريح لوزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي.
ووفق المالكي، فإن المؤتمر الذي عقد في بروكسل، لم يتمكن من جمع المبلغ المالي المطلوب لسد حاجة الوكالة حتى نهاية العام الجاري، مضيفًا “فيما يتعلق بالتوقعات المالية (من المؤتمر) كان هناك إخفاق.. كان هناك حاجة للوصول إلى هدف 100 مليون دولار لسد الثغرة المالية حتى نهاية العام (2021)، لكي تتمكن الوكالة من الوفاء بالتزاماتها حيال اللاجئ الفلسطيني في كل أماكن تواجده بدول الجوار”.
وقال: “للأسف الشديد من مبلغ المئة مليون دولار، لم نتمكن من جمع أكثر من 38 مليون دولار”.