العرب والشِّعْر – جريدة مشوار ميديا
أدب

العرب والشِّعْر

 

رشدي الماضي

   يذهب دارسو الإبداع بفروعه المختلفة، إلى أَنْ الفنَّ كغيره من الأعمال الأنسانيّة، يتأَثّر بكامل المؤَثّرات التي تحدث في المجتمع، سلباً أم ايجاباً. وهذا ما جعل للموروث الحضاري والفكري الذي تُورثِهُ الأُمّة التي ينتمي إليها المبدع، أَثراً كبيراً في مسيرة الفنّ…

وفي موضوع الشِّعر، يُجْمِع الباحثون أَنَّهُ أَحد الإبداعات الرئيسة والمُهمّة التي ارتبطت في حياة العرب عصراً تلو عصر، أذ عُدَّت الأُمّة العربيّة أَشْعَرَ أُمَّةٍ عىرفتها البشريّة… لذلك اتّفِقَ تاريخيا أَنَّ.. “الشِّعر ديوان العرب” وهو سِجِلُّ حياتهم السّياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة والفكريّة…

وهذا ما جعلهُ كنتاجٍ ابداعيّ، يلازم حياتهم في مُختلف مناحي الحياة ، فكوكية الشُّعراء كانون يمدحون ويرثون ويصفون المعارك ويلهبون روح الحماس في نفوس النَّاس…

ومن الجدير أَنْ نُؤكّد أَنَّ الشِّعْر لم يصِلْنا بالدَّرجة نفسها من النُّضج والكمال دُفْعَةً واحِدةً، بل هو قد مَرَّ بعدّةِ مراحل حتّى وَصَلَنا على ما هو عليه…

لم تكن سيرة ومسيرة الشّعر العربي بخطّ تصاعديّ دائماً، خاصّة في فترة الفتوحات العربية وما بعدها، فحين تَمَكّنَ الأَعاجم من التَّسَلط على مقاليد الأمور، عاش العرب ما يُعْرَف بعصر الانحطاط الذي امتدّ رَدْحاً طويلاً من الزّمن، حتّى كانت نهايتُهُ مع بداية عصر النّهضة والانبعاث الثّقافيّ نهاية القرن ال ١٩ ومطلع القرن ال ٢٠، حيث بدأ الشّعر العربيّ في تلك الأثناء، يُعِيْدُ أنفاسهُ وتدبّ فيهِ الرّوح من جديد، لذلك عُرفَتْ هذه الفترة بعصر النَّهضة، وقد نجح شعراؤها أن يعيدوا إلى القصيدة ديباجتها القوميّة وينهضوا به نهضةً أعادتها إلى عنصر قوَّة الإبداع والنَّضارة، مُتجنّبة الغَثّ والرّكاكة وضحالة المعاني و… و… و…

وهكذا نرى أَنَّ شعراء النَّهضة ابتعدوا عن الزّخرف والمحسّنات اللفظيّة التي طغت على الشّعرفي عصر الانحطاط الأَدبيّ…

وبرغم اختلاف الشّعراء، عندها فيما بينهم من ناحية الاهتمام بالقديم أَو الحديث، بقي لكلّ شاعر أُسلوبهُ ونهجهُ الشّعريّ الخاص…

هذا، وقد امتدت النَّهضة الشِّعريّة إلى كافّة أرجاء الوطن العربي تقريبا، وإلى بلاد الشّام خاصَّةً، وكذلك إلى مصر والعراق، حيث انطلقت من هناك دعوة التّجديد الحقيقيّة، وما عُرِف فيما بعد ” بالشِّعر الحرّ” أو “الشّعر الجديد”…

كاتب فلسطيني حيفا

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى