الجنرال غلعاد: السلطة الفلسطينية مصلحة إستراتيجيّة إسرائيليّة وغالبية الفلسطينيين مع حلها

لا يُخفي قادة الكيان من المُستويين الأمنيّ والسياسيّ دعمهم الكامل لإبقاء السلطة الفلسطينيّة بحالتها الراهنة، وذلك تجنبًا لإعادة الاحتلال المُباشِر للضفّة الغربيّة، الأمر الذي سيعود سلبًا على الميزانيات، ويُشدّدون على أنّ الوضع الحالي مريح لإسرائيل، فمن ناحيةٍ لا تتحمّل إسرائيل تكاليف الاحتلال، إذْ أنّ الدول المانحة تقوم بدعم السلطة، وفي حال حلّها فإنّ الاحتلال المُباشِر سيعود، وستتوقّف الدول الأوروبيّة عن دعم الفلسطينيين، فيما ستزداد عزلة إسرائيل كدولةٍ مُحتلّة.
وفي هذا السياق، تناولت صحيفة (هآرتس) العبريّة نتائج استطلاع يكشف موقف وتوجهات الشعب الفلسطينيّ الرافضة لاستمرار السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، باعتبارها مصلحة إسرائيليّة بالدرجة الأولى.
ولفتت مُراسلة الصحيفة بالضفّة الغربيّة، عاميرا هاس، إلى أنّ توجهات غالبية الشعب الفلسطينيّ تتوافق مع حديث الجنرال عاموس غلعاد، مُنسِق أعمال الحكومة الإسرائيليّة في المناطق الفلسطينيّة المُحتلّة، الذي أكّد في شباط (فبراير) الماضي، أنّ “وجود السلطة هو مصلحة بالنسبة لإسرائيل”، مؤكّدًا في ذات الوقت أنّ حلّ السلطة يعني “العودة إلى الاحتلال المباشر”.
وأوضح غلعاد في مقابلةٍ مع إذاعة الجيش الإسرائيليّ أنّ “الاحتلال المباشر يعني، أنّه سيتعيّن علينا الاهتمام بجميع مجالات الحياة التي ستكلفنا المليارات من الشواكل، كما أنّ الاحتلال العسكريّ لن يقبل في العالم، إذْ أنّ الدول المانحة ستتوقّف عن دعم الفلسطينيين، ومن جهةٍ أخرى، ستزداد عزلة إسرائيل عالميًا كدولةٍ محتلّةٍ”، على حدّ تعبيره.
وكشف استطلاع أجراه )المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحيّة) النقاب عن أنّ (57%) من الفلسطينيين يعتقدون أنّ مصلحة إسرائيل في بقاء السلطة، فيما تقول أغلبية من 52% إنّ مصلحة الشعب الفلسطينيّ تكمن في انهيار أوْ حلّ السلطة الفلسطينية.
ورأت الإعلاميّة هاس في تقريرها أنّ “استياء الشعب الفلسطينيّ من السلطة وقادتها، وخاصّةً محمود عباس، ينعكس بصورة ثابتة في الاستطلاعات”، مشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ مصم ومحلل الاستطلاع الدكتور خليل الشقاقي، “تفاجأ من اكتشاف، أنّ الأغلبية تعتقد بأنّه يجب على السلطة أنْ تتوقف عن البقاء”.
وتابعت الصحيفة قائلةً إنّه “بأسلوب النظام المستبد والفرديّ الذي يعززه عباس، استطلاعات الرأي هي أداة قياسٍ هامّةٍ لموقف الشعب الفلسطينيّ، في ظلّ غياب الانتخابات والبرلمان، وفي الوقت الذي فيه وسائل الإعلام الرئيسية تحذر في انتقاداتها وتقاريرها، فإنّ الاستطلاعات التي تجري كما يجب، يمكن أنْ تُعبِّر عن الوضع بشكلٍ معقدٍ أكثر ممّا يتم التعبير عنه في الشبكات الاجتماعيّة”.
وأفادت أن الاستطلاع الحالي أجري بين 8-11 آذار (مارس) الجاري، على عينةٍ تبلغ 1200 شخص، في القدس والضفة وغزة، وهذه الفترة شهدت أحداث حوارة وارتفاع عدد الشهداء برصاص جيش الاحتلال وقواته الخاصة، وبحسب الصحيفة، فإنّ “الإجابات غير مفاجئة، الأغلبية بنسبة 82 في المائة تعتقد أنّ السلطة فاسدة، كما أنّ 77 قالوا إنّه يجِب على عباس الاستقالة”.
وفي مؤشرٍ على تأييد الشعب الفلسطيني للعمليات ضدّ جيش الاحتلال والمستوطنين، فقد أيدّ 71 في المائة عملية إطلاق النار في حوارة التي أسفرت عن مقتل مستوطنين، حتى أنّ أكثر من الثلثين يتوقعون أنّ هجمات وجرائم المستوطنين ضد الفلسطينيين ستزداد، حيث أنّ رؤية هجمات المستوطنين كسياسة للحكومة الإسرائيلية يمكن أنْ تفسر التأييد الواسع (68 في المائة من المستطلعين) لتشكيل مجموعات مسلحة أخرى مثل عرين الأسود وكتائب جنين”.
علاوةً على ما ذُكِر، كشف الاستطلاع عن معارضةٍ فلسطينيّةٍ شعبيّةٍ كبيرةٍ بواقع 87 في المائة لملاحقة واعتقال السلطة للمقاومين من أجل إحباط عمليات ضد المستوطنين، 83 في المائة عارضوا تسليم المسلحين سلاحهم للسلطة كوسيلة لحمايتهم من الاغتيال الإسرائيلي، 61 في المائة يتوقعون أنّ التصعيد الحاليّ سيصل لانتفاضةٍ مسلحةٍ، 62 في المائة لا يتوقعون من أجهزة السلطة الفلسطينية الانضمام للمجموعات المسلحة، 70 في المائة، أكّدوا أنّ عمليات الانتقام من قبل إسرائيل ضدّ عائلات المقاومين (مثل هدم البيوت والطرد) لن تردعهم، بل على العكس، ستؤدي إلى المزيد من العمليات الفلسطينية.
وعن “الطريقة الناجعة لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة مستقلة، رأى 54 في المائة أنّ الأمر يتم بالكفاح المسلح، 23 في المائة عبر النضال الشعبي، و18 في المائة عبر المفاوضات”.
كما أظهر الاستطلاع، تشاؤمًا فلسطينيًا شعبيًا كبيرًا من التدّخل الدوليّ لصالح الفلسطينيين، 80 في المائة من المستطلعين اعتقدوا أنّ الإدارة الأمريكيّة والدول الغربيّة والدول العربيّة التي لها علاقات تطبيع مع الكيان، لن تفرض العقوبات على إسرائيل، كي تتوقف عن الاستيطان.